تبادل اعلاني

توضئوا بدمى وصلُّوا من أجل الوطن


توضئوا بدمى  وصلُّوا من أجل الوطن


لحظات الانهزام هى لحظات الاستسلام ..هى لحظات البُكاء والناس نيام ..
لحظات الانتحار..هى لحظات الانكسار..هى لحظات الانفطار..هى لحظات الانشطار ..من قبل حدوث الانتصار. عند رحيل العتمة وقت بزوغ النهار ..
بمذاقات الليمون هى دموع الأوطان .. وقت تداعى الأحزان .. عند ضياع المعالم .. للشوارع .. للمدارس .. للصحارى حتى الشُطأن
بمذاقات الحنظل هى لحظات الهزيمة .. وانكسارات الوطن الأليمة.. عند شعور الشعب المغبون. وخلجات  الحُر المسجون  ..
شعرنا بلذعة ليمونك ياوطنى ..  يوم موتك يا سعد .. ويوم انكسار يونيو.. يوم تنحيك ياناصر كما ويوم وفاتك .. يوم مقتل السادات ..كما ويوم الجمل ابّان ثورة يناير .. وقد قتلوا فيك أمنك وأضاعوا منا أماننا .. 
شعرنا بمرارة حنظلك ياوطنى ..يوم فُُقدان سيناء المعجونة بدماء الشُهداء ..ويوم الصُلح المُبرمُ بعناق الأعداء ..
لاننسى لحظات سعاداتك أو حتى أنين عذاباتك..من بين ضجيج وسكات أو بين حياة وممات.
لاننسى النيل الممتد من منابت رؤوسنا حتى أخامص أقدامنا.
لاننسى غروب الشمس على صفحات نيلك.. ولا المراكب حين تتراقصُ من شدو مواويــلك.
لاننسى روائع ثُوّراتك ولا عظـيم حضاراتـك.. لاننسى فضائل علمــائك ولا ابداع أدبائك. 
لاننسى مشهدك المهيب .. ما بين هلال وصليب.. 
لاننسى قصائدك وألحانك .. أوالسعادة بين أحضانك.. ولا حتى البكاءات عند أشجانك ..
تاريخك ياوطنى هو تاريخى ..  هو لحظات سعاداتى وتباريحى .. ترتسم بداخلنا .. بقسماتك ومُقدساتك.. بسكناتك وثوراتك....بهزائمك وانتصاراتك..بدعواتك وصلواتك.. ترتسم بصدورنا .. منذ نعومة أظفارنا .. وحتى أوقات مشيبنا ..
الوطن ياسادة .. هو المدارس والكنائس والمساجد  والصحارى ..هو الشوارع والكبارى ..هو المتاحف والتماثيل العظيمة ..هو الزوايا والحوارى والبنايات القديمة ..هو الدموع والبسمات.. هو الهموم والضحكات .. هو ماتمازج بدمائك .. كى تفتديه بأبنائك .. هو الذى يسطر بشريانك حدوده وأنهاره ..شموسه واقماره.. هو ماتوحّد فيك  فصرت فيه وصار فيك .. كما وابنك وأبيك   .. صنوان لاينفصمان .. هو نخوة الفداء التى تعتريك ..  وصرخة الشهيد التى  تكتويك  .. هو الاحتواء .. هوالافتداء.. هو الاقتداء بسير الشُهداء .
ان مفردات العشق ياسادة .. تتمايز بين الأحبة والأقرباء .. وبين الأباء أو الأبناء .. بينما عشق الوطن ..  فيجمع بين كل هؤلاء ..
هو الرعشة التى تنتابك عند لقاء حبيبك .. هو الوجع الذى  يؤلمك بأهات وليدك .. هو الدمع الذى يُلجمُك عند رحيل أمك وأبيك .. وهو الضياع  الذى يُصيبك .. اذا مافقدت دارك وذويك ..
الوطن يسكن فيك .. فترتسم حدوده  وشطأنه .. وجباله وجدرانه .. بداخل شريانك ووريدك ..
الوطن لايعرف قيمته ياسادة الا من فقد بلاده ..
الوطن قد افتداه الأجداد .. ليفتديه الأهل من الأحفاد .. هو وجع الجريح .. ونزيف دم الشهيد الذبيح..
الوطن هو لوعة الأسير .. ودوى هتافات التحرير ..
هو التاريخ المحسوب .. وكلام الرب غير المكتوب .. ورباط السماء المُقدس من غير ذنوب..
( واذا بالصمتُ يعُمُ المكان .. فقد صمت الفتى ) !!
نعم صمت الفتى .. عساه قد تذكر ألاماً منسيّة  .. من بعد هدير مشاعره الوطنية.. بينما دمعه فقد راح يسّاقط   من عينيه .. ويرتعد جسده من رأسه حتى قدميه  ..فسألته : لم  كان صمتّك .. ولم قد كان دمعُك ..؟
قال :ان وطنى يارفيقى ..  هو تلك الجنة البواح ..  أراه اليوم هو مُستباح ..
ان وطنى ياصديقى .. بات صراع الأحقاد من بعد عظيم الأمجاد ..
ان وطنى  ياعزيزى.. كما الأسد الجريح يزأر.. بينما من جراحه راح يجأر.. وما طعنهُ الا أبناءه وقد شمّتُوا فينا أعداءه ..
اعتدنا بقوة الوطن .. تُساعدنا .. تُعاضدُنا ..تُزيل الخوف بداخلنا .. هو اليوم يُنادينا.. يُحرضُ نخوتنا فينا .. لنفتديه بالعزيز الأكرم .. من روحنا  وعقلنا .. ومن بنين .. ومن دم .. فاذا الشهادة كانت ..أقرب من يداى ومن فمى ..
فسألته مُتعجباً : أو قُلت أنك أُستُشهدت ؟
قال : نعم ..
قلت : كيف ذاك وأنت تحاورنى ..تُعزينى .. تُسرّينى .. تمنحنى سلاحك بيمينى ..
فسألنى :أولم تُصدق أنى مرسومُ بوجدانك .. ومنقوش حتى بكيانك..
قلت : انما  أراك أمامى تُحاورنى .. تُسامرُنى .. ولألامى تُشاطرُنى ..
قال : لست أنا.. انما أنا ضميرُك ..ولكى توقن .. مرر كفيك على وجهى.. عساك تُلامسُ بُنيانى ..
مرّرتُها .. لكنها .. لم تلمس شيئاً يهدينى .. وهُنا أيقنت أن من يخاطبنى هوالشهيد  بخاطرى..
هو التاريخ بناظرى..هو الفدائى وقت الانفجار..هو المُناضل وقت الانكسار..هو الثُوّارالطامحون لطلوع النهار .. وقد راح يؤرقنى . راح يؤججنى .. راح يُعذبُنى .. بل راح يُخيرنى ..مابين قبرى وبين كفنى...
فهتفت كما المُنادى للصلاة : أن توضئوا بدمى  وصلُّوا من أجل الوطن ..


مقال :اشرف اسماعيل المحامى بالنقض‏