تبادل اعلاني

لاتقتلنى أخى ..... فأنا مثلك مصرى


لاتقتلنى أخى ..... فأنا مثلك مصرى


علّمونا أهل الجنوب ألّا نشرب  نخب صداقة أعدائنا على أشلاء قتلانا وأكفان شهدائنا ... لكننا جحدنا الجنوب
عمّت ثقافة نسيان الماضى  والسنين العجاف عند أول قطرة من غيث ..
لن ننس يوما مشهد الرئيس السادات وهو يحتسى نخب سلام كامب ديفيد فى صورة  درامية تجمعه  بكارتر  وبيجين ..
منظر لن ينساه كل من هو ابن لشهيد .. بل يظل ناقما على من أضاعوا دم أبيه واحتسوا الكؤوس ورقصوا على جثّته ولم تجف بعد أرض المعركة من دمه .. وباتوا يتسوّلون موافقة العدو أن يرسلوا بضع جنود على أرض الفيروز !!
أهكذا هو رخيص دم أبنائنا .. أهكذا  ننسى الماضى  وتتلاقى الأكف وتتبادل الكؤوس ولماذا؟وبماذا ؟
وبأى مقابل ؟!
ظن الولد ساعتها أن أرضه أصبحت كل مصر  لكنه لمّا كبر  لم يستطع الذهاب  لموطن  خروج روح أبيه
كان يخبره دائما  أنه يحارب لأجله ولأجل وطن مسلوب .. لكن بعد وقت طويل أيقن الولد  أن الفقراء يموتون دائما أما الأغنياء فيضعون أكاليل الغار !!
سألتنى نفسى  كم مرة ذهبت الى جنوب سيناء  وكم مرة زرت أثار مصر.. تذكرت يوم أن زجر الضابط ولدى حين اصطحبته معى لزيارة الأهرامات لمّا غابت شمس يوم أسود  وأوقفنا خارج المنطقة..وزجرنا الضابط ... أرجعوا  فالأجانب بالداخل ولايمكنكم الدخول .. تذكرت ساعتها كلمة فى أغنية وطنية .. حماية .. حماية .. ضحكت ساعتها ولم أستطع أن أمحو الدهشة من وجه أبنائى  بينما هم لم ينسوا منذ ساعتها أنهم غرباء فى أوطانهم
أهكذا هو الوطن الذى  سالت لأجله دماء ذوينا.. وان كان هو أيها الراقصون على دمائنا ... لم لم تفقدوا مثلى أباءكم  وذويكم كما فقدت .. ؟؟!!
أفكار وأفكار  وخواطر رجّتنى  ساعة انتصاف النهار .. راحت تؤرقنى  .. وفجأة وجدتنى  أشهر قلمى  وأهتف بأعلى صوتى : لا للظلم .. انها ثورة وحتى الخلاص ..
وتذكرت الشهداء  ووضعت كفنى بيدى  ولم أكن أتوقع ساعتها أن يقتلنى أخى ابن أمى وأبى .. فالأوامر لاتبرر قتل أخيك.. ولاطاعة الرؤساء تبرر  زبح ابن موطنك مهما كانت جريرته ..
أهنت  عليك أخى أن تصوب مدفعك الى صدرى .. وهل استحال لديك  عدو أبيك  الى أخيك ابن امك 
وموطنك ؟؟!!
أطاوعك أصبعك أن يضغط  زناد مدفعك ليستقر البارود فى قلب ابن امك وأبيك ؟!
أهان عليك دمى  وصرخات ولدى  وعويل ابنتى  ووجع أمك وأمى ؟!
ماذا قد جنيت؟!
أكل جنايتى أننى  كنت  فداء  لك لتأمن ظلم الظالمين وتحيا حياة الكرماء ؟!
ألتلك الدرجة عشقت جلّادك وكرهت  شُهداءك  ومخلّصيك .. أ يُعد هذا  استمراء للظلم أم عشق ُ للجلّاد ؟!
لم أفعل شيئا أخى  فكل جريرتى  أن قالوا  انتبهوا .. لقد ضبطناه ينطق  وأشهر فى وجوهنا قلمه
ظننت أخى أن القتل بدم بارد  هو ثقافة الأعداء ولم أكن لأشك يوما أنك يوما قاتلى
ألم تتألم  يوما مثلى وتصرخ بأعلى صمتك ؟!
ألم تشعر يوما مثلى ان أرضك محرّمة عليك  مباحة لعدوك  وعدو أبيك وقاتله ؟!
ألم تقطر عيناك دما  وثروة بلدك يأخذها عدوك  وعدو أبيك وقاتله ؟!
أكنت  مترفُ الى هذا الحد بعدالة وارفة وأمن مُحقق  بلا خوف مميت  أو فزع قاتل ؟!
ألم تجلس معى يوماعلى بركة من ماء فى حجرة ضيّقة يحرسها سجّان ..فبتّ مثلى غريبا فى موطنك ؟!
ألم تترك أرضك وعيالك وذويك بحثا عن لقمة عيش من أولاد عمومة  بذلة
ومهانة ؟!
ألم تقف يوما مثلى تعجز أن تلبى  مطالب ولدك وذويك .. بينما ثروة موطنك هى بيد أعدائك ؟!
هل اصطحبت يوما أبناءك ليروا أثار بلدك  وجميل شواطئها  فى بحبوحة أورغد عيش ؟!
أنسيت سنين عجاف عند اول قطرة من مطر ؟!
لاتقل أخى مثلهم أننى أرص أبياتا من شعر فاننى  لاأقبل أن تُسجن الكلمة داخل أسوار من وزن وقافية .. فكتبت  مقالى وصرخت بكلمة حرية فرميت رصاصك فى صدرى  وقتلت العدل ..
أأبى عليك أن تكون أخى مفعولا وكن دائما فاعلا وتمرّد مثلى ولا تصدقهم فانهم كاذبون
فأنا لست عدوك .. لست قاتلك  ولن .. لن اكون ..
أنا ابن أمك وأبيك  وابن موطنك .. بل ابن دماء غمرت  تراب الكنانة  نزفها يوما أبى وأبيك
لاتقتلنى أخى  ..... فأنا مثلك مصرى

مقال :اشرف اسماعيل المحامى بالنقض‏